اليومُ منطفئٌ
رماديٌّ
وأسودُ كالكسوفِ
وكالوجوهِ
اليومُ عينٌ في غروبِ البحرِ
والأخرى انكسارٌ دائمٌ
في الضفّةِ الأولى
التي عبرتْ على طرفِ الطريقِ
رأيتُ أشجارَ الغُبارِ تنوحُ في حلمِ الهواءِ
تهُزُّ أستارَ الكلامِ
(المستحيلِ الآنَ لكنْ قادمٌ)
وحمائماً خرساءَ جاثيةً على الإسفلتِ جفَّ هديلها
- وتصيحُ -
تنزعُ ريشها وتمدُّهُ نعلاً لطفلٍ قادمٍ في الغيبِ
حينَ الشمسُ تُشرقُ هاهنا
ورأيتُ أيضاً في الطريقِ
تمائماً
مهجورةَ الأعناقِ تائهةً
وتبحثُ عنْ معانٍ في انفراطِ العِقْدِ حينَ تبدّلتْ
وجهَ السماءِ
بحمرةِ الطينِ النديِّ
وليسَ ماءً أو ندى
ورأيتُ أشباحاً معي
خلفي، أمامي، عن يميني، في يساري
خطوها همسٌ:
تعالَ لكي ترى
واشهدْ بأنّا قد عبرنا في جروحِ الرملِ
فوقَ المدِّ
رغمَ مكائدِ الصّبارِ
أنّا قد شهدنا وجهها القُدسيَّ يدعونا..
فجئنا
حاملينَ شقائقَ النعمانِ نزرعها على عرضِ النهارِ
هناكَ
حيثُ الشمسُ تدعونا
ونأتي
مرّةً..
وما رأيتُ سوى الطريقِ الأفعوانيِّ الهبوطِ
كحيّةٍ عطشى إلى البحرِ الأجاجِ
إلى انتهاءِ الخطوِ
كانَ الموجُ يطرقُ رملنا خجِلاً
وكانت شمسنا في الضفّةِ الأخرى تغضُّ الطّرفَ عن وجعِ العيونِ
السامقاتِ
إلى تلالٍِ ما رأتها
غيرَ حلْماً..
"يقفُ الزمانُ كما سكونُ الموجِ
يلثمُ إصبعي بمرارةٍ
ويعضُّ
يجذبني
ألا فاتبعْ وريدكَ عابراً موتي
وأكمل ما تراءى في ضبابِ الوهمِ
واعبرْ
كي ترى"
وتقولُ سائحةٌ:
لماذا البحرُ مكتئبٌ
ضبابيٌّ
رماديٌّ
عبوسٌ كالحٌ
وأنا أتيتُ الأمسَ عبرَ الجسرِ
كانَ البحرُ خلفي صاخباً
وملطخاً شمساً
وحتى الملحُ حلواً كانَ في أمسي
لماذا بحركمْ بردٌ
ودفئاً كانَ من خلفي
أليَس الماءُ متّصلاً؟
لماذا البحرُ يصمتُ هاهنا صمتَ العيونِ الرانياتِ إلى المدى؟
وأقولُ أنّ الشمسَ مشرقةٌ
وأنّ البحرَ يصخبُ
إنما
في الضفّةِ الأخرى
مؤمن