الغريب
غريباً أعبُرُ الدنيا
فلا الأطفالُ
تعرفني ...
ولا الأزهارُ
تعرفني ...
ولا من كنتُ
أعرفهمْ
ولا من كنتُ
أعشقُها
وفي يومٍ
من الأيامِ
كنتُ رسمتُ صورتها
بدمعِ القلبِ ...
كنتُ رسمتُ صورتها
على وردٍ من الجوريَّ
كان يُظلُّ
شرفتنا
أكلمها ... فتجهلني ...
وأنظرُ عبرَ مرآتي
فأنكرُها ...
وتنكرُني
فيرجعُ خائباً ... ظني
وفي يومٍ من الأيامِ
سوفَ تقولُ
حارتُنا
غريبٌ مرَّ تنبُحُهُ
كلابُ الحيَّ ... وانذثرتْ
معالمهُ
ولا ندريْ
أحيّاً كانَ
ام ميتاً
غريباً أعبُرُ الدنيا
وما أقسى على الإنسانْ
أن يحيا
غريباً
بينَ أحبابهْ
***
واصرخُ ملء حُنجُرتي
أيامنْ تسمعونَ
الصوتْ
فيرجعُ خاسئاً
صوتي
صوتْ ... صوتْ ... صوتْ
وأشعلُ ألفَ قنديلٍ
أهتفُ في شوارعنا
أيامنْ تسمعونَ الصوتَ
دُلوني
أفتشُ عن ملامحكمْ
وعن نفسي ..
وعن حيَّ
بلا رمسِ
وعن وجهٍ ..
بلا وجهينِ أو أكثرْ
وعن بيتٍ
أعيشُ بهِ
بلا خوفٍ ....
بلا عينٍ تراقبُني
بلا لصٍ
ولا عسكرْ
أفتشُ عن ضمائركم
وأشعلُ
ألفَ قنديلٍ
وأحملُ في يدي ... مِجهرْ
ويا منْ تسمعونَ الصوتْ
بُحَّ الصَّوتُ
من زمنٍ
وشاعَ السُوطُ
من زمنٍ
وماتَ الحبُّ من زمنٍ
وعاشَ الخوفُ
من زمنٍ
فمنْ لي
للهوى العذريَّ
يحملني ...
إلى صحرائنا
الحُلوهْ
إلى لحنٍ ...
إلى غنُوهْ
إلى جملٍ ...
إلى هودْجْ
لزهرِ الشيحِ
والعوسجْ
إلى القيصومِ ...
والحرمل
إلى ظبي ... نُجفلهُ
فلا يجفل
إلى بدويةٍ نسيت
نسيم الليلِ
يعبثُ في ضفيرتها
ولا يخجلْ
وضوءُ البدرِ
طرَّز ثوبها المخملْ
هُو الثاني
يداعبُها .. ولا يخجلْ
فيا ويحيْ ...
فكيف نسيتُ صحرائي
ويا ويلي ...
فكيفَ نسيتُ أشيائي
وكيفَ نسيتُ أسمائي
وجئتُ إلى
حضارتكمْ
وعُذراً ...
***
أيَّها السادةْ
حضارتكمْ ...
تشابهُ رهبةَ المسلخْ
حضارتكُمْ ...
كسكين على عنقِ الهوى
( تُجلخ )
حضارتكُمْ ...
إذا عطشتْ
دماءَ صغارها تنهلْ
حضارتكُمْ ...
تُفتشُ عن زنابقها
وترمي فوقها ..
منجلْ