نميل نحن معشر الصعاليك أن نتأمل
في توافه الأشياء و أدناها شأناً و أهمية ، تبتلعنا دوامات فكرية ساذجة ،
سخيفة و نغيب في خيالات حمقاء نطارد أوهاماً و نحارب طواحين الهواء
بسيوفنا الخشبية ، حسبت هذا من بديهيات التصعلك ، فالصعاليك بطبعهم فئة
هامشية لا تقدم و لا تؤخر ، تجدهم يتكئون على هامش صفحات كتاب الحياة ،
فلا هم في صدرها حيث يكمن المجد و العمل الجاد و لا هم خرجوا منها بشكل
كامل فأستراحوا و أستراحت منهم
نحن شوكة محشورة في حلق المدنية و
التحضر ، شاهد على قسوة ناطحات السحاب و بوابات البنوك الإجنبية التي
تنفتح أوتوماتيكياً لإستقبال كبار العملاء
الصعلوك يتسكع في الأرجاء حاملاً خِتماً على جبينه ، " أنت مرفوض" هكذا تقول نقوش الخِتم
فلو نظرنا إلى البشرية كلعبة "
بازل " عملاقة ، حيث تجتمع بلايين الأجزاء البشرية الصغيرة لتتعشق و تلتحم
ببعضها البعض - كلّ في مكانه - فتخلق صورة كلية لا تستطيع أن تراها إلا
حين تبتعد قليلاً للوراء
أقول لو تخيلنا هذا لوجدنا أن
الصعاليك هم تلك الحفنة الصغيرة من فسيفساء البازل التي تبقت بعد إنتهاء
اللعبة و إكتمال الصورة و لم تجد لها مكاناً تلتصق به دون أن تُحدِث
تشوهاً ملحوظاً في الصورة و خدشاً ظاهراً في جمالها
أول هوايات الصعاليك و أهمها هي
التسَّكُع ، و هي ممارسة قد يظن البعض أنها سهلة ، هينة و يعتبرونها
دليلاً على الكسل و التراخي .. التسكّع في الحقيقة شاق جداً يحتاج لمهارة
و خبرة كبيرة لا تأتي إلا بعد سنوات من البهدلة و المرمطة ، فالمشكلة هي
أنه لا أحد سيتركك تتسكّع بحرية .. يطردك هذا من أمام محل تجارته ، و
يتأفف هذا من كثرة ترددك على المكان دون أن تنفق مليماً .. إلخ
حرية التسَّكُع يكفلها المجتمع
لأصناف الحيوانات ربما بأكثر مما يكفلها للبشر ، القطط و الكلاب الضالة
مثلاً لديها براح كبير للتسَّكُع ربما لا يملكه الصعلوك ، مع ملاحظة أن
التسَّكُع الحيواني يتجلى بأوضح صوره في المدينة أو حين يعيش الحيوان بين
بني البشر
فالكلب الضال في المدينة يتسكّع
كثيراً ، أما الكلب البري فله حياة و هدف ، فهو فرد في جماعة من الكلاب
يخرج معهم للصيد و يحرس قطيعه كل مساء من هجمات الحيوانات المفترسة الأخرى
، يتزاوج و يشارك في تربية جراءه
في البرية يجد الكلب مكانه في ( بازل ) عالم الكلاب ... ينزع عن جبينه خِتم الرفض
----
أنا ( على باب الله ) بأسمي و صفتي المتصعلكة أطالب بحل حاسم لهذه المعضلة
إما أن تفسحوا لنا مكاناً معكم في لعبة البازل البشرية
أو تتركونا نتسكًع بحرية