عودة متأخرة إلى البيت بعد يوم طويل وشاق .. لا أحتمل ما نسيتُ على تعبِ جسدي من ثياب ، أرمي بنفسي هناك .. على أريكة قريبة من النافذة ..
أهوي إليها وتلحق روحي بي محاولة التشبث ببقايا إنسان هنا …
أريح ثقل رأسي إلى الوراء .. وأغمض عيني ..
تبادرني خطفات من وميض لأحداث جرت ..
وجوه تمر أمام وجه واحد وعينين اثنتين ..
يرن الهاتف في أذنيّ ..
تدوي أصوات الآلات غير آبهة بصوتي الذي يحاول أن يصل لأذني من يرافقني
يواصل الهاتف الرنين في رأسي ، ويمتزج بصوت المخضات والمكنات .
“ أنت بحاجة .. بأمس الحاجة لفنجان قهوة “ يهمس لي شيطان رأسي ..
أستجمع ما تَرَكته لي حبات العرق من قوّة ، وأنهض متثاقلاً عابراً الردهة لأصل إلى المطبخ .. أضع ركوة القهوة تحت حنفية المياه .. وتعود أصوات المضخات وحركات العمال لمخيلتي التي ضاقت ذرعاً بما حَمَلتْ .. يعود لي شوقي لحمام بارد .. لشربة ماء تطفئ حرارة الجو ..
أعود لرشدي فأرى الماء يتدفق من فم الركوة وينساب خارجها ..
أضعها على النار .. أمسك بالملعقة وأدير غبار البن والسكر وأنظر لسواده ..
هذه المرة أدور مع الملعقة وتدور معها الأفكار .. ندور جميعاً : المنزل .. العمل .. سيارتي الجديدة المنتظرة .. الجمعية التي اشتركت بها .. الجيران .. وربما حبيبتي ….!
أعود إلي .. فأجدني مستلقياً على الأريكة ، تاركاً رأسي ورائي ، بعينين مفتوحتين ..
ربما تسللت القهوة لمخيلتي وامتزجت بالتعب …
“ لنشرب الآن قهوة حقيقية بعيداً عن التهيؤات .. ” يقول شيطاني بابتسامة شفقة .
. بواسطة مدونة مجنون......
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]