حمووو كبار الشخصيات
الجنس :
| موضوع: من ملفات الجاسوسيه سارين بقلم د. نبيل فاروق الإثنين فبراير 22, 2010 7:29 pm | |
| عملية سارين
أوشكت الحرب العالمية الثانية على نهايتها، أو كادت..
القوات النازية تلقت ضربة قاصمة، فى الجبهة السوفيتية، وبدأت تراجعها المأسوى، عبر الجليد الروسى الرهيب..
قوات الحلفاء هبطت فى (نورماندى)، وبدأت مرحلة تحرير (أوروبا)، بدءاً من فرنسا، وراحت مع السوفيت يطوقان ألمانيا، ويهددانها بمصير بشع، لم يجل بخاطرها، حتى فى أحلك كوابيسها..
ووسط كل هذا، وعلى الرغم منه، لم يتراجع الزعيم النازى (أدولف هتلر) عن لهجته التهديدية الجوفاء، ولا صرخاته ووعيده، خاصة وهو يؤكِّد أنه يستعد لاستخدام سلاح سرى جديد، سيقلب مسار الحرب كلها، ويعيد النصر إلى جيش الرايخ الثالث...
فى البداية، تصوَّر قادة الحلفاء، ورجال مخابراتهم، أن (هتلر) يطلق تهديدات جوفاء فحسب، وأنه لا يملك ما يمكنه أن يهدِّد به، و...
ولكن فجأة، انهالت الصواريخ على العاصمة البريطانية..
مئات من صواريخ (ف - 1)، و(ف - 1)، راحت تنسف المدينة القديمة، وتهدم منازلها على رءوس سكانها، وأصحابها، وحكوماتها..
وارتجفت القلوب فى عنف..
فعلى الرغم مما نألفه عن الصواريخ، فى زمننا هذا، كانت آنذاك سلاحاً جديداً مخيفاً، لم يعرفه العامة، أو حتى الخبراء، إلا فى روايات الخيال العلمى فحسب، إلى أن جاء العبقرى (فون براون)، وحوَّلها من خيال إلى حقيقة..
حقيقة دمرت نصف (لندن)، فى ليلة واحدة..
وهنا، أدركت أجهزة المخابرات أن (هتلر)، لم يكن مهووساً، عندما تحدَّث عن سلاح سرى..
بل، وراحت جهودهم كلها تتكثَّف؛ للتوصُّل إلى جواب هام للغاية..
تُرى أهذا هو السلاح السرى، الذى تحدَّث عنه الفوهلر، أم أنه مجرد مقدِّمة مخيفة له..
فى تلك الأثناء، كان الأمريكيون يعلمون أن علماء النازية كانوا يجاهدون، للتوصُّل إلى الطاقة النووية، التى يجرون هم أيضاً تجاربهم السرية عليها، منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أنهم كانوا واثقين من أن افتقاد المعلومات كان يعنى أن بلوغ ذلك الهدف، من الجبهة الألمانية، أمر شبه مستحيل، فى تلك المرحلة بالتحديد..
ولكن تحريات المخابرات البريطانية كانت تشير إلى وجود سلاح سرى آخر..
سلاح رهيب..
وجديد..
وفتاك..
ووسط التكهنات، ومحاولات كشف الأغوار، وسبر الحقائق، وصلت إلى المخابرات البريطانية معلومة، عن قُرب إنتاج الألمان للجيل الثالث، من صواريخهم المدمرة..
جيل (ف - 3)..
ووفقاً لمعلومات جاسوس رفيع المستوى، كان (ف - 3) يختلف كثيراً عن نظيريه السابقين، إذ كان أكبر حجماً، وأكثر قوة، وأبعد مدى بكثير، حتى أنه يمكن إطلاقه من قلب (برلين)، ليعبر المحيط كله، إلى (واشنطن) مباشرة..
أما قوته التفجيرية، فكانت مفاجأة..
مفاجأة محيرة للغاية..
فعلى الرغم من مداه وقوته، لم ترد معلومة واحدة، تشير إلى أنه يحمل رأساً متفجرة!!..
لماذا سيعبر المحيط إذن؟!..
لماذا يعتبره النازيون سلاحهم السرى، لو أنه لن يسبب الدمار نفسه، الذى أحدثته الصواريخ السابقة؟!..
السر يكمن إذن فى المادة التى سيحملها (ف - 3)..
وهذا ما ينبغى أن يسعى الكل لمعرفته.,.
وهكذا، أطلقت المخابرات البريطانية جيشاً من رجالها، وجواسيسها، وعباقرتها، ومحلليها؛ لجمع أية معلومة ممكنة، مهما صغر شأنها..
ولأن الأحداث كانت تجرى بسرعة مدهشة، فقد جند البريطانيون والأمريكيون نخبة من أفضل رجالهم ومحلليهم؛ للتعامل مع ذلك الموقف الدقيق..
وبسرعة، راحت المعلومات تتوافد... وتتوافد.. وتتوافد..
وكما يحدث فى لعبة (البازل) الشهيرة، راح الرجال يجمعون كل معلومة، ويرصونها بدقة إلى جوار المعلومات الأخرى، لتتضح الصورة رويداً رويداً، وتظهر الحقائق لحظة بعد أخرى..
وأخيراً، اكتملت الصورة..
وبدت مفزعة مخيفة، إلى أقصى حد..
فالصاروخ (ف - 3) سيحمل بالفعل أخطر سلاح سرى، توصل إليه الألمان، فى الأشهر الأخيرة من أبشع حرب عرفها التاريخ..
الغاز..
غاز عديم اللون والرائحة، لا يمكنك أن تشعر بوجوده، إلا أنه ما أن يدخل الجهاز التنفس، حتى يصيبه بالتهابات حادة، تؤدى إلى صعوبة فى التنفس، وارتشاح فى الرئة، وتضخم فى الحويصلات الهوائية، فينهار الشخص، ويلقى مصرعه خلال أقل من ساعة، مع آلام مبرحة، تلتهم كيانه كله..
غاز اسمه (سارين)...
لم تكن غازات الأعصاب، أو الغازات السامة سلاحاً مجهولاً أو مستحدثاً، فى ذلك الحين، إذ استخدمتها الألمان أيضاً، فى الحرب العالمية الأولى، وحققوا بوساطتها انتصارات فائقة، فى مراحلها الأولى، إلا أنها كانت من أنواع أبسط، تطلق معها سحباً من الدخان، ورائحة نفاذة، تنبه الأعداء إلى ضرورة ارتداء الأقنعة الواقية، والقتال بما تدربوا عليه بها..
ولكن (سارين) كان أخطر بكثير..
جرام واحد منه، كان يكفى لتلويث هواء مدينة صغيرة بأكملها، مع انتشار سريع غير محسوس، بحيث تكون أول أعراضه هى الانهيارات الرئوية، والوفاة السريعة..
ولو حمل ثلاثة صواريخ، من طراز (ف - 3)، عبوات من غاز (سارين)، وانفجرت فى ثلاث مدن بريطانية، فقد يبيد هذا نصف البريطانيين بضربة واحدة..
ويا له من سلاح!..
والواقع أن أجهزة مخابرات الحلفاء قد أصيبت بالهلع، عندما توصَّلت إلى تلك الحقائق، ووجدت أنه من المحتم أن تنشط أكثر وأسرع، بكشف كل ما يتعلق بهذا الأمر، قبل أن يبلغ الألمان نقطة اللا ع
ودة، ويبدءون فى استخدام أخطر أسلحتهم..
كان من الواضح أن مشروعهم لم يكتمل بعد، وإلا لاستخدموا (سارين) على نطاق واسع، خاصة وأن الزحف السوفيتى يقترب من عاصمة رايخهم..
لذا، أصبح الوقت هو أهم عامل حيوى..
على الإطلاق..
وبسرعة، اجتمع رجال المخابرات البريطانية، مع عدد محدود من المكتب الاستراتيجى الأمريكى، الذى أصبح فيما بعد نواة المخابرات الأمريكية، وراحوا يعدون خطة لمنع (ألمانيا) من إنتاج صواريخ (ف - 3)، التى يمكنها حمل (سارين) إليهم..
فى البداية، فكَّر الأمريكيون فى غارة عنيفة على مصنع شركة (آى.جى.فاين)، التى تقوم بتركيب وتصنيع الغاز القاتل، إلا أن البريطانيين فاجأوهم بأن المصنع موجود فى قلب أحد جبال (ألمانيا)، ومحاط بأكثر من مليونى طن من الأسمنت المسلح، الذى لن تخترقه قنبلة معروفة..
ولأن القنبلة الذرية لم تكن قد اكتملت بعد، حاول البريطانيون ابتكار قنبلة جديدة ضخمة، ذات قوة تدميرية عنيفة..
ولقد شنوا غارة بوساطتها بالفعل..
وسقطت القنبلة الرهيبة على الجبل، وسببت دماراً شديداً للغاية..
إلا أنها لم توقف مشروع (ف - 3)..
ولا إنتاج غاز (سارين)..
وهنا، أدرك الكل أن عليهم البحث عن وسيلة جديدة، و...
"وسيلة بشرية!.."..
ألقى الاقتراح ضابط مخابرات شاب، اشتهر فى الأروقة البريطانية السرية بأنه صاحب خيال جامح، وابتكارات ظاهرها الجنون، وباطنها عبقرية أدهشت الكل، خاصة وأنه ينتمى إلى أسرة نبيلة، يئست يوماً من أن تضعه فى منصب يتناسب وقدراته..
وفى شئ من العصبية، استقبل أحد الأمريكيين اقتراحه، قائلاً:
- أى سخف هذا... مصنع (مابن) محاط بحراسة ألمانية شديدة للغاية، وكل العاملين فى داخله تم انتقاؤهم بعناية تامة، ويخضعون لمتابعة ومراقبة دائمين، ومن المستحيل أن ننجح فى تجنيد أحدهم، أو زرع عميل بينهم، أو...
قاطعه الضابط الشاب (آيان فليمنج)، الذى حظى فيما بعد بشهرة واسعة، باعتباره مبتكر أشهر شخصيات الجاسوسية (جيمس بوند)، وهو يقول فى حماس:
- ومن قال: إننا سنفعل هذا أو ذاك؟!
تبادل الكل نظرة دهشة، قبل أن يتساءل ضابط بريطانى أكبر رتبة من (فليمنج):
- لماذا سنفعل إذن؟!
مال الشاب إلى الأمام، وأجاب فى حزم:
- نهاجم.
صدم جوابه الموجودين جميعاً، وثار عليه الأمريكيون فى غضب عنيف، إلا أنه حافظ على هدوئه الشديد، وانتظر حتى أفرغوا كل ثورتهم فى وجهه، ثم بدأ يشرح فكرته..
وهنا، صمت الكل..
فعلى الرغم من أن خطته قد بدت مجنونة تماماً، إلا أنها نجحت فى جذب اهتمامهم وانتباههم..
والأهم، أنها كانت ممكنة التطبيق..
على الرغم من خطورتها، التى تقترب من حافة الانتحار..
ولكن الهدف كان شديد الحساسية والخطورة، والوقت يمضى بسرعة لا يتصوَّرها أحد، والنتائج أخطر من أن يلتهمها تردُّد أو قلق..
ثم أن هذا كان الاقتراح الوحيد المقدم..
لذا، فقد تم وضع الأمر موضع التنفيذ فوراً..
وخلال ثمان وأربعين ساعة فحسب، تمت دراسة الموقف مرة أخرى، ووضع الخطة كلها، ووضع الخطة كلها، فى وجود (فليمنج)..
وبعدها، شنت الطائرات البريطانية غارة عنيفة، على موقع مصانع (آى.جى.فاين)..
ولأوَّل مرة، فى تاريخ الحروب، قام رجال الكوماندوز البريطانيين بعملية هبوط بالمظلات، فى قلب الغارة..
ستة من البريطانيين، بينهم أمريكى واحد، هبطوا على مسافة كيلو متر واحد من المصانع، وشنوا عليها هجوماً صاعقاً، قبل حتى أن تتوقف القاذفات الثقيلة عن القصف..
وكانت أخطر عملية انتحارية، فى تاريخ الحرب العالمية الثانية..
أو ربما فى تاريخ الحروب كافة..
فالذين قاموا بالعملية، كانوا معرضين للموت، بنفس القنابل، التى تنهال على الهدف..
ولهذا، كان وقع المفاجأة على الألمان مذهلاً..
كانوا يختبئون من قصف جوى، فوجدوا البريطانيين ينقضون عليهم فى مخابئهم..
وبسرعة مدهشة، مع عامل المفاجأة الشديد، سيطر البريطانيون على المكان..
وبخطة مدروسة بمنتهى الدقة، انتشر الرجال السبعة فى المصنع الرئيسى، وراحوا يزرعون المتفجرات فى أماكن خاصة، تم تدريبهم عليها فى سرعة..
كانت المدة المقترحة للغارة، هى ثلث الساعة فقط، ولقد نجح الرجال فى زرع متفجراتهم، والانسحاب بتكنيك مدروس، قبل الوقت المحدود بدقيقة واحدة، بعد أن خسروا فرداً واحداً فقط..
ومع نهاية الغارة، وانسحاب القاذفات البريطانية الثقيلة، دون عدة انفجارات أخرى عنيفة..
انفجارات نشأت من قلب الجبل..
من قلب مصنع غاز الموت..
لم تنسف المتفجرات خزاناً واحداً، من خزانات المواد الكيماوية، المستخدمة فى إنتاج (سارين)؛ حتى لا تتسبَّب فى كارثة بيئية عنيفة، وإنما نسفت كل أجهزة التصنيع والمعامل..
وكانت حالة رهيبة من الفوضى والاضطراب..
حالة استغلها البريطانيون؛ للاختفاء فى أماكن مختارة مسبقاً، والاطمئنان إلى نجاح العملية بشكل نهائى..
وفى (لندن)، عرف (فليمنج) النتيجة..
لقد تم إيقاف مشروع (سارين) و(ف - 3)، لفترة طويلة..
فترة قد لا تملكها (ألمانيا) النازية فعلياً..
وعلى الرغم من أن الألمان قد تحرَّكوا فى وحشية وجنون؛ بحثاً عن منفذى العملية، إلا أنهم عجوزا عن هذا تماماً؛ بسبب تكثيف الهجوم على (برلين)، من الشرق والغرب..
وبعد فشل السلاح السرى، توقف (هتلر) عن تصريحاته تماماً، واختبأ فى مخبأ سرى، فى نفس الوقت الذى حمى فيه المنشقون أفراد الكوماندوز البريطانيين، حتى أطبق الحلفاء على (برلين) من كل جانب..
وانتحر (هتلر)؛ ليضع نهاية للرايخ الثالث، ولأحلام وطموحات (ألمانيا) كلها..
أما سلاحه السرى، فقد أصبح مجرد تاريخ، يتحدَّث عنه العديدون، دون أن يدركوا أنه كان يحمل يوماً ما اسماً واضحاً..
اسم (سارين).
د. نبيل فاروق | |
|
صحراوية مشرفة القسم الرياضي
الجنس :
| موضوع: رد: من ملفات الجاسوسيه سارين بقلم د. نبيل فاروق الإثنين فبراير 22, 2010 7:32 pm | |
| | |
|
حمووو كبار الشخصيات
الجنس :
| موضوع: رد: من ملفات الجاسوسيه سارين بقلم د. نبيل فاروق الثلاثاء فبراير 23, 2010 9:32 am | |
| - sahara libre كتب:
- [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
هلت الانوار بقدووومكم الى متصفحنا
اشكر الخطا التى اتت بك
وزيارتك والله تسعدنى دائما
اشكركم
تحياتى | |
|