[size=24]
يا ليتني كنت صاحب
الحفرة
عن
سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
" قمت من جوف الليل و أنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك
قال فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر، قال فاتبعتها أنظر إليها فإذا
رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر وإذا عبد الله ذو البجادين
المزني قد مات، و إذا هم حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه و سلم في
حفرته و أبو بكر و عمر يدنيانه إليه و هو يقول :
" ادنيا إلي أخاكما، فدلياه إليه فلما هيأه لشقه قال : اللهم إني أمسيت
راضيا عنه فارض عنه " يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
" يا ليتني كنت صاحب الحفرة " رواه الإمام ابن هشام رحمه
الله في سيرته.
برضا سيد الخلق عن ذي البجادين تمنى سيدنا ابن مسعود أن يكون صاحب الحفرة، و
برضاه صلى الله عليه وسلم لن تكون الحفرة إلا روضة من رياض الجنة تستقبل
روحا مشرقة طاهرة فكيف يا ترى يكون هذا الاستقبال؟
بكاء...وتجمل
الأرض التي أحبت المؤمن وهو على ظهرها و كان أحب إليها في
بطنها أبت إلا أن تتجمل له، فما من بقعة من بقاع الأرض إلا و تتمنى أن يدفن
فيها بعدما بكى عليه مصلاه في الأرض ومصعد عمله في السماء.
عن سيدنا أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
"ما من إنسان إلا له بابان في السماء، باب يصعد
منه عمله و باب ينزل منه رزقه، فإذا مات العبد بكيا عليه" رواه
الإمام الترمذي رحمه الله.
وعن سيدنا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال
" المؤمن إدا مات تجملت المقابر بموته فليس منها
بقعة إلا وهي تتمنى أن يدفن فيها " رواه الحكيم الترمذي وابن
عساكر رحمهما الله.
وداع
واستقبال
وداع من سيد الخلق وصحبه واستقبال من أول منازل الآخرة :
القبر.
عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال:
" إذا دفن العبد المؤمن قال له القبر مرحبا و أهلا، أما كنت لأحب من يمشي
على ظهري إلي، فإذا وليتك اليوم و صيرت إلي فسترى صنعي بك، فيتسع له مد
بصره و يفتح له باب إلى الجنة "
أخرجه الإمام الترمذي رحمه الله.
[center]ضمة وحنان
ضمة الأرض الأم الحنون للمؤمن دليل الشوق بعد طول غياب، عن
سيدنا سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: يا
رسول الله إنك منذ حدثتني بصوت منكر و نكير وضغطة القبر ليس ينفعني شيء.
قال : يا عائشة إن صوت منكر و نكير في أسماع المؤمنين كالإثمد في العين، و
ضغطة القبر على المؤمن كالأم الشفيقة يشكو إليها ابنها الصداع فتغمز رأسه
غمزا رفيقا، ولكن يا عائشة ويل للشاكين في الله كيف يضغطون في قبورهم كضغطة
الصخرة على البيضة " رواه الإمام البيهقي رحمه الله.
و عن محمد التيمي قال :
" كان يقال أن ضمة القبر إنما أصلها أنها أمهم و منها خلقوا فغابوا عنها
الغيبة الطويلة، فلما رد إليها أولادها ضمتهم ضم الوالدة الشفيقة التي غاب
عنها ولدها ثم قدم عليها"
يالها من بشرى
[b]عند السؤال يعز المؤمن ولا يهان، فتأتي البشرى بعد
التثبيت و الأمان... عن سيدنا أنس قال : قال رسول الله عليه الصلاة و
السلام "إن العبد إذا وضع في قبره و تولى عنه أصحابه و أنه ليسمع قرع
نعالهم، قال يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل؟
فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقولان : انظر إلى مقعدك في
النار وقد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا .قال قتادة وذكر لنا
أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا و يملأ عليه خضرا".
رواه الإمام البخاري رحمه الله.
هكذا يكون المؤمن في قبره، حفاوة استقبال وتجمل ليس له
مثيل، وأنوار وفسح للمكان، وضمة الشوق و الحنان... فوا شوقاه إلى من يرانا
ولا نراه.
اللهم اجعل القبور خير منازلنا، وافسح بها ضيق ملاحدنا،
وارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا.